الذاتیة للموجود المطلق بما هو موجود مطلق أی العوارض التی لا یتوقف عروضها للموجود على أن یصیر تعلیمیا أو طبیعیا لاستغنیت عن هذه التکلفات و أشباهها إذ بملاحظة هذه الحیثیة فی الأمر العام مع تقییده بکونه من النعوت الکلیة لیخرج البحث عن الذوات لا بما یختص بقسم من الموجود کما توهم یندفع عنه النقوض و یتم التعریف سالما عن الخلل و الفساد و مثل هذا التحیر و الاضطراب وقع لهم فی موضوعات سائر العلوم بیان ذلک أن موضوع [1] کل علم کما تقرر ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة- و قد فسروا العرض الذاتی بالخارج المحمول الذی یلحق الشیء لذاته أو لأمر یساویه- فأشکل الأمر علیهم لما رأوا أنه قد یبحث فی العلوم عن الأحوال التی یختص ببعض أنواع الموضوع بل ما من علم إلا و یبحث فیه عن الأحوال المختصة ببعض أنواع موضوعة- فاضطروا تارة إلى إسناد المسامحة إلى رؤساء العلم فی أقوالهم بأن المراد من العرض
[1] الاقتصار فی العلوم على البحث من الأعراض الذاتیة لا یبتنی على مجرد الاصطلاح و المواضعة بل هو مما یوجبه البحث البرهانی فی العلوم البرهانیة على ما بین فی کتاب البرهان من المنطق.
توضیحه أن البرهان لکونه قیاسا منتجا للیقین یجب أن یتألف من مقدمات یقینیة و الیقین هو العلم بأن کذا کذا و أنه لا یمکن أن لا یکون کذا و المقدمة الیقینیة یجب أن تکون ضروریة أی فی الصدق و إن کانت ممکنة بحسب الجهة و إلا لم یمتنع الطرف المخالف فلم یحصل یقین و هذا خلف و أن تکون دائمة أی فی الصدق بحسب الأزمان- و إلا کذب فی بعض الأزمان فلم یمتنع الطرف المخالف فلم یحصل یقین و هذا خلف- و أن تکون کلیة أی فی الصدق بحسب الأحوال و إلا کذب فی بعضها فلم یمتنع الطرف المخالف فلم یحصل یقین و هذا خلف و أن تکون ذاتیة المحمول للموضوع أی بحیث یوضع المحمول بوضع الموضوع و یرفع برفعه مع قطع النظر عما عداه إذ لو رفع مع وضع الموضوع أو وضع مع رفعه لم یحصل یقین و هذا خلف و هذا الموجب لکون المحمول الذاتی مساویا لموضوعه إذ لو کان أخص کالمتعجب من الحیوان لم یکف فی عروضه مجرد وضع الموضوع و لو کان أعم کالماشی بالنسبة إلى الإنسان کان القید فی الموضوع کناطق لغوا لا أثر له فی العروض و حیث کان المحمول الذاتی بما هو محمول- موجودا لموضوعه بالضرورة فالموضوع من علل وجوده فیجب أن یؤخذ فی حده التام على ما بین فی صناعة البرهان فالعرض الذاتی یجب أن یؤخذ موضوعه فی حده و هو الضابط فی تمییزه فإذا فرض للمحمول محمول و لمحموله محمول وجب أن یؤخذ الموضوع الأول فی حدها حتى ینتهی إلى آخر محمول مفروض و کان الجمیع ذاتیا للموضوع الأول کما أن کلا منها ذاتی لموضوع قضیته کالإنسان و المتعجب و الضاحک و بادی الأسنان مثلا و کذا لو کان للموضوع موضوع و لموضوعه موضوع وجب أن یؤخذ الموضوع الأول فی حد الجمیع کالسواد و موضوعه الکیف المبصر و موضوع الکیف المحسوس و موضوعه الکیف و موضوعه الماهیة و موضوعه الموجود مثلا.
و لو کان بعض المحمولات أخص من موضوعه کان هو و ما یقابله فی التقسیم محمولا ذاتیا واحدا للموضوع الأعم کما أن کلا منهما ذاتی لحصة خاصة من الأعم المذکور- لأن المأخوذ فی حد کل منهما هو الحصة الخاصة به و فی حد المجموع المردد الموضوع الأعم بنفسه کتقسیم الموجود إلى واجب و ممکن و المجموع من قضایا یؤخذ فی حدود موضوعاتها و محمولاتها موضوع واحد هو الذی نسمیه علما و ینتهی من الجانبین إلى قضیة موضوعها الموضوع الأول و قضیة لا یؤخذ فی حد محمولها الموضوع الأول کما أن البحث فی العلم الإلهی ینتهی إلى الجسم من جهة أنه موجود و یبتدی فی العلم الطبیعی من جهة أن له ماهیة الجسم الطبیعی لا من جهة أنه موجود و کذلک الکلام فی الدائرة من جهة أنها موجودة و من جهة أنها شکل هندسی موضوع لأحکام هندسیة و قد تبین بما مر أمور.
أحدها حد العلم و هو مجموع قضایا یبحث فیها عن أحوال موضوع واحد هو المأخوذ فی حدود موضوعات مسائله و محمولاتها.
و ثانیها أن العلم لا بد فیه من موضوع و هو الموضوع فی جمیع قضایاه.
و ثالثها أن موضوع العلم ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة.
و رابعها أن العرض الذاتی ما یعرف الشیء لذاته فقط و یتمیز بأخذه فی حده کأخذ الإنسان فی حد المتعجب و أخذ الإنسان المتعجب فی حد الضاحک لکن یجب أن یتنبه- أن القضیة ربما انعکست أو استعملت منعکسة و لذلک کان اللازم أن یقال إن المحمول الذاتی ما یؤخذ فی حده الموضوع أو یؤخذ هو فی حده الموضوع فالأول کما فی قولنا- الموجود ینقسم إلى واحد و کثیر و الثانی کما فی قولنا الواجب موجود.
و خامسها أن المحمول الذاتی لا یعرض موضوعة بواسطة أصلا سواء کانت مساویة أو أعم أو أخص و المراد بالواسطة ما یؤخذ فی حد المحمول وحده من غیر أخذ الموضوع ذی الواسطة کعروض السواد للغراب مثلا بواسطة ریاشه.
و سادسها أن المحمول الذاتی یجب أن یکون مساویا لموضوعه لا أعم منه إذ المأخوذ فی حده حینئذ هو الأعم من الموضوع الأخص و لا أخص منه إذ المأخوذ فی حده حینئذ حصة من الموضوع لا نفسه.
و سابعها أن محمول المسألة کما أنه ذاتی لموضوعها ذاتی لموضوع العلم أیضا.
و ثامنها أن تمایز العلوم بتمایز الموضوعات فهذه جعل أحکام المحمولات الذاتیة- و التأمل الوافی فیها یرشدک إلى أن ذلک کله إنما یجری فی العلوم البرهانیة من حیث جریان البرهان فیها و أما العلوم الاعتباریة التی موضوعاتها أمور اعتباریة غیر حقیقیة- فلا دلیل على جریان شیء من هذه الأحکام فیها أصلا، ط
- ۰ ۰
- ۰ نظر